بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 7 يوليو 2022

أسباب فشل العمل الجمعوي (الجزء1)

السلام عليكم... مرحبا بكم...
في هذه التدوينة حول موضوع فشل العمل الجمعوي سنتطرق إلى سببين مهمين من أسباب هذا الفشل:


أولهما: غياب المقاربة التشاركية داخل الجمعيات.

تعني المقاربة التشاركية  داخل الجمعيات إشراك جميع المتدخلين في العمل الجمعوي في اتخاذ القرارات التي تهمهم وإبداء آرائهم فيها وتمتعهم بكامل الحرية في التعبير وإبداء الرأي... الشيء الذي لا نجده في أغلب الجمعيات، إذ ترى أشخاصا هم من يتصرفون داخل الجمعية، فهم من يقررون وهم من ينفذون دون تدخل لباقي أعضاء المكتب المسير إما: 

- لكون هؤلاء هم من وضعوا فكرة تأسيس الجمعية ووضعوا لها اللبنة الأولى، وهم ما زالوا يتحكمون فيها ويفرضون آرائهم وقراراتهم معتقدين أن الفضل يرجع إليهم في ما وصلت إليه الجمعية، بل نجد أحيانا من يتصرف في الجمعية وهو أصلا ليس عضوا فيها.

- لكون هؤلاء فقط هم من لديهم دراية بالعمل الجمعوي وكيفية التعامل مع الملفات وتنفيذ القرارات... فيتراجع الآخرون ويقصون أنفسهم من المشاركة بدعوى أنهم لا يملكون أدنى فكرة حول العمل الجمعوي.

- لكون بقية أعضاء المكتب غير مهتمين بالعمل الجمعوي ولا يعيرون للجمعية أي اهتمام، بل يعتقدون أن الانتماء للجمعية والانخراط فيها يكفيان، فتجدهم لا يشاركون ولا يقررون ولا ينفذون، وإنما كتبت أسماؤهم ضمن لائحة أعضاء المكتب، وفي هذه الحالة يكون شخص أو اثنين هما من يمثلان الجمعية في جميع القرارات.

هذه بعض أسباب غياب المقاربة التشاركية داخل الجمعيات، وللحد منها ونشر الوعي بأهمية تلك المقاربة نقترح ما يلي:

- العمل الجمعوي يسمى كذلك لأن الجميع يشترك فيه، لذا من الضروري إتاحة الفرص وعدم إقصاء كل من يرغب في إبداء رأيه حول موضوع يهم الجمعية  بغض النظر عن تمايزاتهم الجنسية والعمرية والمعرفية والطبقية.

- عدم احتكار الكلمة أثناء المناقشات والاجتماعات.

- اجتناب القمع المباشر وغير المباشر.

- عدم قبول أن الجمعية ملكية لشخص أو شخصين.

- تطبيق القانون على الجميع.

- توعية من لا يهمهم أمر الجمعية بضرورة المشاركة وذلك بإعطاء المثل للجمعيات الرائدة ومحاولة الاقتداء بها، وإقناعهم بأن الجمعية أنشأت للجميع وأهدافها تمس حاجيات الجميع.

- المشاركة في دورات تكوينية حول طرق تدبير العمل الجمعوي، وتخصيص ميزانية لها داخل ميزانية الجمعية.

- تجنب تدخل أي شخص غير أعضاء المكتب المسير في اتخاذ القرارات بشكل مباشر أو غير مباشر، وخاصة أذا اعتبر هذا الشخص غير مرغوب فيه ولو من طرف فئة قليلة.

- الاعتماد في اتخاذ القرارات على التراتبية والاستحقاق، وإن تعذر ذلك يلجأ إلى الانتخابات وإبعاد المصالح الشخصية والنزاعات البينية.

ثانيا: غياب مقاربة النوع:

إن نجاح أية جمعية رهين بالمشاركة الفعالة لجميع فئات المجتمع، ونظرا لكون أغلب المناطق الجبلية تتميز بوجود نسبة أعلى من العنصر النسوي، وذلك راجع أساسا إلى ظروف الهجرة والبحث عن العمل، فلماذا إذن يتم إقصاء هذه الفئة من مشاركتها داخل الجمعيات؟  أليس من اللازم إشراكهن وإعطاء لهن فرص العمل التطوعي داخل الجمعيات؟؟ إن غياب المرأة عن العمل الجمعوي مرجعه الأسباب التالية:

- النظرة السلبية نحو المرأة، إذ ما زال البعض ينظر إلى المرأة بأن مكانها هو المنزل وعملها هو خدمة الرجل ولا حق لها في مزاولة عمل دون عمل منزلها، الشيء الذي يسبب في حرمان المرأة من عملها التطوعي داخل الجمعية، صحيح أن المرأة والرجل على حد سواء مسؤولان على منزلهما والقيام بالأعمال المنوطة إليهما، لكن أن تصل إلى درجة إقصائها وحرمانها من عملها التطوعي داخل الجمعية هو ما لا يمكن قبوله، فالمرأة النشيطة هي من تزاوج بين العمل داخل بيتها ومجتمعها، والجمعية النشيطة هي من تدرك أهمية هذه المزاوجة لأن عملها داخل الجمعية يزيد نماء وازدهارا ليس لمجتمعها فحسب وإنما لبيتها وأسرتها أيضا.

- غياب برامج وأنشطة جمعوية خاصة بالنساء، إذ كيف يتم استقطاب النساء داخل جمعية وبرامجها كلها تستهدف شرائح مجتمعية أخرى، فالجمعية مطلوبة إذن في إطار مقاربة النوع تخصيص وإدراج أنشطة تمس جميع مصالح وحاجيات كل فئة من فئات المجتمع ضمن برامجها السنوية.

- غياب التحسيس بأهمية العمل الجمعوي في صفوف النساء ليس فقط من طرف المجتمع وإنما أيضا من طرف الإعلام والأحزاب السياسية والقطاعات العامة والخاصة...

تلكم أهم الأسباب التي تجعل المرأة تغيب عن العمل الجمعوي في القرى والمناطق النائية، ولتجاوزها نقترح ما يلي:

- التوعية بدور المرأة في المجتمع من خلال تنظيم ندوات ولقاءات تبين  المساواة بين الجنسين في المجالات التنموية.

- إعطاء أهمية قصوى للمرأة داخل مجتمعها من خلال تخصيص أنشطة جمعوية ملائمة لهذه الفئة من المجتمع.

- إدراج النساء كعضوات المكتب المسير للجمعية إلى جانب الرجال.

- الاحتفال بالأيام الوطنية والدولية كاليوم العالمي للمرأة، من خلالها يتم تحسيس النساء بدورهن داخل المجتمع، ومن الأحسن أن تقوم النساء بهذه المهمة أي توعية النساء من طرف النساء.


وإذا كان العنصر النسوي شبه غائب في العمل التطوعي الجمعوي، فإن شريحة أخرى لا تقل أهمية غالبا ما يتم استبعادها عن ممارسة حقها الجمعوي، ألا وهي فئة الشباب.

هذه الفئة التي يمكن اعتبارها وقود المجتمع، إذ أن نمو هذا الأخير مرتبط بدرجة تكوين وتحصيل ووعي الشباب، لكن كثيرا ما نجد استبعاد هذه الشريحة من ممارسة حقها الجمعوي من طرف بعض الأشخاص أو ما يطلق عليهم شيوخ الجمعيات الذين يسيطرون على العمل الجمعوي ويقصونها من المشاركة كأعضاء داخل الجمعية ويعطونها فقط صفة الانخراط، أو تجدها تتهرب من العمل الجمعوي نظرا لاستغلالها من طرف الجمعيات ذات التوجه السياسي والانتخابي وغيرها من الأسباب التي تعيق النمو والتنمية للمجتمعات والتي يمكن بطريقة أو أخرى تجاوزها أو بالأحرى تجنب الوقوع فيها، وكما يقال الوقاية خير من العلاج...

لكن كيف يمكن استدراج الشباب للمشاركة الفعالة داخل الجمعيات؟؟

يكون ذلك عن طريق:

- توعية الطفل منذ نعومة أظافره بأهمية العمل الجمعوي من خلال إشراكه في أنشطة الجمعية.

- خلق قنوات تواصل بين الجمعية والشباب وعدم إقصائهم وإعطائهم فرص التعبير عن آرائهم وممارساتهم التطوعية.

- إشراك الشباب داخل الجمعية كأعضاء وليس فقط منخرطين، وعدم احتكار المناصب داخل مكاتب الجمعيات.

- الابتعاد عن الانتخابات السياسية والحملات الانتخابية.

- وضع برامج توعوية وتكوينية من بين البرنامج السنوي لأنشطة الجمعية.




ليست هناك تعليقات:
اكتب comments