في الآونة الأخيرة، ازداد الاهتمام بشكل كبير بجمعيات المجتمع المدني، لكن القليل منا مازال جاهلا لما له من حقوق وما عليه من واجبات في ما يخص هذا الاتجاه. مقال اليوم يتطرق إلى مفهوم الجمعيات من الناحية القانونية من خلال التركيز على مبحثين أساسين: الأول الإطار العام المنظم لعمل جمعيات المجتمع المدني، والثاني التنظيم التشريعي لعمل جمعيات المجتمع المدني.
ولتسهيل قراءة المقال، قمنا بتقسيمه إلى عناوينه الرئيسية ثم الفرعية. وبالضغط على كل عنوان تظهر أسفله التفاصيل والشروحات المتضمنة له.
- المقدمة
نظراً لأهمية الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في تفعيل عمليات الإصلاح وتحقيق التنمية بالمجتمعات، فقد حظيت دائماً باهتمام كبير من قبل المجتمع الدولي والوطني، وقد زاد الاهتمام في الفترة الأخيرة بهذه المنظمات وتفعيل أدوارها والعمل على التغلب على معوقات عملها.
وبالنظر لمفهوم «المجتمـع المدنـي» فإنه يشير إلـى مختلـف أشـكال العمـل الاجتماعـي الـتي يقـوم بهـا أفـراد أو جماعـات ليـس بدافـع مـن الدولـة ولا تحـت إشـرافها.
وحسب البنـك الدولـي فيقصد به: "مجموعـة واسـعة النطـاق مـن المنظمـات غيـر الحكوميـة والمنظمـات غيـر الربْحيـة التـي لهــا وجــود فــي الحيــاة العامــة وتنهــض بعــبء التعبيــر عــن اهتمامــات وقيــم أعضائهــا أو الآخريــن، اســتناداً إلــى اعتبـارات أخلاقيـة أو ثقافيـة أو سياسـية أو علميـة أو دينيـة أو خيْرية."
أما مفهوم الجمعية (الجمعية الخيرية) فقد عرفها المشرع المغربي بقوله: "الجمعية هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بینھم."
ومن الناحیة السوسیولوجیة، فالجمعيات أو ما يسمى بالجمعيات الخيرية، عبارة عن تنظيمات اجتماعية قائمة على التطوع والاختيار الحر، وھي تنظيمات لم یكن یمثل وجودھا، قبل الآن ضرورة ملحة بالنسبة للمجتمع. قیاسا مثلا مع تنظیمات أخرى كالجيش والمقاولة والأسرة، وما یمیز الجمعیات مقارنة مع باقي التنظیمات الاجتماعیة الوصول إلى السلطة السیاسیة مثل الأحزاب السیاسیة، لكن مع تعقد المجتمعات الحدیثة أصبح إنشاء الجمعیات یعبر عن ھذا التعقد. ویستھدف تجاوز الاختلالات التي یطرحھا بالنسبة للمواطنین أو بعبارة أخرى لم یعد یمثل تأسیس الجمعیات ترفا بل ضرورة اجتماعیة. “تطمح إلى ملء الفراغ الذي تتركه عادة تدخلات الفاعلین العمومیین أو نتیجة لمحدودیة تلك التدخلات أمام الطلب المتزاید والأزمة المتصاعدة.
وقد ظھرت الجمعیات منذ المرحلة القدیمة في مصر الفرعونیة و في روما و أتینا وغیرھا من المراكز الحضریة القدیمة كتنظیمات اجتماعیة من أجل التعاون و المساعدة المتبادلة بین أفراد الجماعات المھنیة، و الدینیة و الإثنیة، كما أن القرون الوسطى نفسھا لم تخلو من سیادة الروح الجمعویة النشیطة، بفعل تأثیر الكنیسة إذ جسدت الحیاة المشتركة داخل فضاءات الأدیرة، و القائمة على المزاوجة بین العمل الجماعي الدیني و الدنیوي”. غیر أن ظھور العمل الجمعوي بالمعنى الدقیق للكلمة، لم یبدأ في فرنسا مثلا، إلا في نھایة القرن التاسع عشر، ولم یتحول إلى ظھور رسمي إلا مع مطلع القرن الماضي، فقد شھدت ھذه الفترة التاریخیة، ظھور الحیاة الجمعویة في كل مستویات الحیاة الاجتماعیة والسیاسیة، الدینیة، الثقافیة، المھنیة … و إذا كان الاعتراف بالجمعیات لم یتم إلا بعد الثورة الفرنسة، وبالضبط سنة 1901 فإن الترخیص للنقابات بدأ منذ سنة 1884 بفعل نشاط جمعیات العمال.
هذا وقد عرف المغرب اشـكالا قديمـة للتضامـن والتعـاون المتبـادل والممارسـات الجماعيـة في تاريخه (كمـا هـو الشـأن بالنسـبة للتويـزة) وهي قريبـة ممـا نسـميه اليـوم العمـل التطوعـي.
ففـي المغـرب، كان العمـل التطوعي خـارج الإطـار الجمعـوي كالتعـاون بيـن أفـراد الأسـرة والـدوار والجيـران أو الحـي، منتشـرا علـى نطـاق واسـع جـدا، لأنـه كان تحركـه اعتبـارات دينية بقـدر مـا كان يضمـن اسـتمرارية الجماعـة. وغـداة الاسـتقلال، بـرز َ شـكل جديـد للعمـل التطوعـي حيـن شـارك عـدد كبيـر مـن المتطوعيـن فـي تشـييد «طريـق الوحـدة» وقـد كان هـذا الحـدث مصـدر انطـلاق حركـة إحـداث العديـد مـن جمعيـات الأوراش الشـبابية.
من جهة اهتمت المواثيق الدولية بمنظمات المجتمع المدني وخصوصا التي تنتظم في شكل جمعيات وعملت على تكريس مجموعة من الحقوق كان لها انعكاس كبير على المستوى العالمي، كما اكدت على ذلك أيضا مجموعة من الخطب الملكية.
وقد عرف المغرب سنة 1958 صدور ظھیر الحریات العامة الذي أرسى أسس الإطار القانوني لتأسس الجمعیات، حیث نشأ منذ ذلك التاریخ عدد كبیر من الجمعیات والمنظمات شملت عدة میادین، وشكل العمل الجمعوي في حینه رافدا من روافد العمل الوطني، ھذا وتمیز العمل الجمعوي في بدایاته بالارتباط بشكل كبیر بالعمل السیاسي الحزبي حیث دعمت أحزاب الحركة الوطنیة نشوء وتجدر العمل الجمعوي، بحیث شكل العمل في مجال حقوق الإنسان والحریات الأساسیة لازمة سیاسیة.
وقد تم تعديل هذا القانون بموجب القانون رقم 75،00 المتعلق بقانون الحريات العامة الذي صدر سنة 2002، وتم تعديل المادة 5 منه سنة 2009 بموجب القانون 07,09..
من هنا يمكن طرح الإشكالية التالية:
إلى أي حد تتلاءم مقتضيات القوانين المؤطرة للجمعيات في تحقيق انتظارات الحركة الجمعوية، والاسهام في البناء الديموقراطي التشاركي بالمغرب؟
للإجابة على هذه الإشكالية ارتأينا تنقسم هذا الموضوع إلى مبحثين وذلك كما يلي:
- المبحث الأول: الإطار العام المنظم لعمل جمعيات المجتمع المدني
- المبحث الثاني: التنظيم التشريعي لعمل جمعيات المجتمع المدني
- المبحث الأول: الإطار العام المنظم لعمل جمعيات المجتمع المدني
- المطلب الأول: الاتفاقيات الدولية
- أولا: اتفاقيات حقوق الطفل
- ثانيا: اتفاقية القضاء على أشكال التميز ضد المرأة
- ثالثا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- رابعا: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
- المطلب الثاني: الخطب الملكية:
صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على اتفاقية تعنى بحقوق الطفل سنة 1989، ومن دواعي هذه الاتفاقية، الاعتراف بالكرامة البشرية والحرية والعدالة والأمن والتمتع بالحريات والحقوق دون تمييز عنصري، إضافة إلى عنصري الرعاية والمساعدة الخاصين بالطفل. وقد ركزت هذه الاتفاقية على تكوين الجمعيات والاجتماع السلمي وممارساتها طبقا للقانون، ويظهر ذلك جليا من خلال المواد18-19-20.
إذ تنص الفقرة الثالثة من المادة 18 على ما يلي: ″ تتخذ الدول الأطراف كل التدابير لتضمن لأطفال الوالدين العاملين حق الانتفاع بخدمات ومرافق رعاية الطفل التي هم مؤهلون لها “ويدخل في نطاق مرافق رعاية الطفل جمعيات المجتمع المدني.
وتنص كذلك الفقرة الثالثة من المادة 19 بخصوص التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال وإساءة المعاملة أو الاستغلال على ما يلي: “ينبغي أن تشمل هذه التدابير الوقائية حسب الاقتضاء إجراءات فعالة لوضع برامج اجتماعية لتوفير الدعم اللازم للطفل ولأولئك الذين يتعهدون الطفل برعايتهم ” فيدخل ضمن الذين يتعهدون الطفل بالرعاية مؤسسات المجتمع المدني.
صدرت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1965، والتي صادق عليها المغرب سنة 1993، وقد هدفت هذه الاتفاقية إلى تحقيق الكرامة والتساوي والاحترام المتبادل دون تمييز على أي أساس عنصري.
وقد أشارت المادة 7 من هذه الاتفاقية دعوة الدول الأطراف إلى اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد بشكل يكفل لها المساواة مع الرجل، إذ نصت في فقرتها الثالثة على حق المرأة في المشاركة في جميع المنظمات والجمعيات غير الحكومية التي تعني بالحياة العامة والسياسية للبلد.
في سنة 1948 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واصدرته على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع واضعين هذا الإعلان نصب أعينهم إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات.
وقد ضمن هذا الإعلان مجموعة من الحقوق لمختلف الفئات بدون تمييز، ومن هذه الحقوق إشراك الأفراد في الجمعيات، وهذا ما َنصت عليه المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في فقرته الأولى أن: “لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية”، كما نصت في فقرتها الثانية أنه "لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما ".
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية هي معاهدة متعددة الأطراف اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966، حيث تلزم أطرافها على احترام الحقوق المدنية والسياسية للأفراد بما في ذلك الحق في الحياة وحرية التجمع والحقوق الانتخابية وحقوق إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادية.
كذلك نجد هذا العهد الدولي قد خول للأفراد الحق في حرية تكوين الجمعيات، من خلال ما نصت عليه المادة 22 منه، حيث جاء فيها: "لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه"
أكد جلالة الملك مند اعتلائه العرش على المجتمع المدني، ودعا إلى تكريس قيم المواطنة المسؤولة والرفع من قدرات المجتمع المدني، وهكذا أكد خطاب العرش 30يوليوز2000 على ترسيخ دولة الحق والقانون وتجديد وعقلنة وتحديث أساليب إدارتها وإعادة الاعتبار للتضامن الاجتماعي، وتفعيل دور المجتمع المدني.
وكذا في خطاب افتتاح الدورة التشريعية الرابعة للبرلمان في أكتوبر 2005 "نؤكد على ضرورة توعية كل مغربي بأن مصيره يتوقف على مبادراته، وإقدامه على العمل الجماعي الذي يمر عبر تأطيره عن طريق الهيئات المؤهلة".
وفي نفس الإطار أكد جلالة الملك في خطابه بمناسبة انتهاء مهمة هيئة الإنصاف والمصالحة وتقديم الدراسة حول التنمية بالمغرب 6 يناير 2006 على ترسيخ دعائم المجتمع المدني التضامن الذي يكفل الكرامة والمواطنة المسؤولة لكافة أبنائه.
كما نص خطاب العرش 30 يوليوز2008 على تعزيز دينامية المجتمع المدني الفاعل: "يتعين توطيد المكانة المركزية لمؤسسة الأسرة وتعزيز دينامية المجتمع المدني وفعالياته المسؤولة للنهوض بالتكافل الاجتماعي والمواطنة التضامنية."
وحث أيضا خطاب العرش ل 30 يوليوز 2009 على إشراك الفعاليات الجمعوية في رسم آليات المحلية…
هذا وقد أكد جلالته على ضرورة تكريس مكانة المجتمع المدني من خلال إجراء تعديل دستور شامل استند على سبع مرتكزات أساسية والتي من بينها مرتكزات المجتمع المدني.
- المبحث الثاني: المرجعية التشريعية المنظمة لعمل جمعيات المجتمع المدني
- المطلب الأول: المرجعية الدستورية
- الفقرة الأولى: الحق في تأسيس الجمعيات
- الفقرة الثانية: الأدوار الجديدة للجمعيات
- أولا- مسـاهمة الجمعيـات فـي إعـداد قـرارات ومشـاريع لـدى المؤسسـات المنتخبَة والسـلطات العموميـة، وكـذا فـي تفعيلهـا وتقييمهـا (الفصـل12).
- ثانيا: إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين بإحداث مجلس للتشاور
- ثالثا: مساهمة المواطنين والمواطنات والجمعيات في اعداد برامج تنموية
- رابعا: احداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي
- خامسا: البرنامج الحكومي
- المطلب الثاني: قانون تأسيس الجمعيات (قانون الجمعيات)
- الفقرة الأولى: شروط تأسيس الجمعيات ومراحلها
- أولا: شروط تأسيس الجمعيات:
- أ- شروط عقد الاتفاق:
- ب- شرط التصريح
- مضمون التصريح ومرافقاته.
- طرق إيداع التصريح.
- ثانيا: مراحل تأسيس الجمعيات
- -المرحلة الأولى : مرحلة ما قبل التأسيس.
- المرحلة الثانية: الجمع العام التأسيسي.
- المرحلة الثالثة: مرحلة ما بعد الجمع التأسيسي
- الفقرة الثانية: حقوق الجمعيات وواجباتها
- أولا: حقوق الجمعيات
- أ: الحق في الترافع
- ب: الحق في التملك والتصرف
- 1- الإعانات العمومية:
- 2-واجبات انخراط أعضائها:
- 3- واجبات اشتراك أعضائها السنوي:
- 4-إعانات القطاع الخاص:
- 5- المساعدات الأجنبية:
- ج: حق الاعتراف بصفة المنفعة العامة
- د: حق طلب التماس الإحسان العمومي
- تتمتع الجمعيات والمنظمات الغير الحكومية المشكلة بصفة قانونية بالحقوق التالية:
- ثانيا: الواجبات الملقاة على عاتق الجمعيات
- أ: احترام النظام العام والمقدسات
- ب: الالتزامات المالية
- خاتمة:
- المرجع:
شهد مطلع السنة الميلادية 2011 حراكا اجتماعيا قويا في إطار ما سمي بالربيع العربي، وتفاعل الشعب المغربي مع هذا الحراك رافعا مطلب تغيير الدستور كمدخل لإسقاط الفساد وتحقيق التحول الديمقراطي والتنمية المنشودة.
وكان تجاوب العاهل المغربي سريعا مع هذا الحراك إذ أعلن في خطاب التاسع من مارس على فتح ورش الإصلاح الدستوري وفق مبادئ توسيع سلطات الحكومة والبرلمان وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وقد لعب المجتمع المدني المغربي دورا أساسيا في الحراك المجتمعي كما تفاعل مع ورش الإصلاح الدستوري إذ قدمت عديد من الهيئات المدنية الحقوقية والنسائية والثقافية والتنموية والتربوية مذكرات ومقترحات أمام لجنة تعديل الدستور مطالبة بالتنصيص الدستوري على المجتمع المدني وتعزيز صلاحياته بالإضافة لمقترحات تهم كل هيئة حسب تخصصها (المطلب الأول) كما تم تنظيم عمل المجتمع المدني في نصوص تشريعية خاصة كان أولها ظهير 1958 والذي تم تعديله ليواكب تطورات العصر وهو ما سأتطرق إليه في (المطلب الثاني).
تعتبر جمعيات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية في العصر الحاضر من المكونات الأساسية لكل مجتمع ديموقراطي حداثي، لذلك متعها الدستور المغربي الجديد بحق ممارسة أنشطتها بحرية في إطار احترام الدستور والقانون، ومخولا إياها جملة من الضمانات القضائية التي تجعل أمر حلها أو توقيفها من قبل السلطات العمومية لا يتم إلا بمقتضى مقرر قضائي.
غيـر أن حريـة تكويـن الجمعيـات تصطـدم فـي الواقـع بعـدد مـن الممارسـات الإداريـة التـي لا تلتـزم بتطبيـق المقتضيـات القانونيـة فـي بعـض الاحيـان. ذلـك أن تأسـيس أو تعديـل جمعيـة مـا يمكـن أن يواجـه عـددا مـن التقييـدات:
- عـدم التسـليم الفـوري ّ للوصـل المؤقـت (كمـا ّ ينـص علـى ذلـك القانـون)؛
- رفـض تسـليم الوصـل النهائـي؛
- طلـب وثائـق إضافيـة، بمـا فيهـا شـهادة السـوابق العدليـة للأعضـاء المؤسسـين، والتـي ألغيـت مـع ذلـك سـنة 2009 ….
كما قـام الدسـتور بإدخـال تمييـز إضافـي يتمثل في اهتمام الجمعية بالشأن العام، حيـث ينـص فـي الفقـرة الثانيـة مـن الفصـل 12علـى أنـه "تُسـاهم الجمعيـات المهتمــة بقضايــا الشــأن العــام، والمنظمــات غيــر الحكوميــة، فــي إطــار الديمقراطيــة التشــاركية، فــي إعــداد قـرارات ومشـاريع لـدى المؤسسـات المنتخبـة والسـلطات العموميـة، وكـذا فـي تفعيلهـا وتقييمهـا. وتتحـدد الجمعيـات المهتمـة بقضايـا الشأن العـام ّ فـي مقابـل الجمعيـات التـي ليـس لهـا اهتمـام بالشـأن العـام. وهـي الجمعيـات التـي تقتصـر علـى الدفـاع عـن مصالـح أعضائهـا، وبالتالـي لا تعمـل إلا ّ لفائـدة دائـرة ضيقـة مـن الأشـخاص، وتنـدرج الوداديـات بصفـة عامة ضمن هـذه الفئـة مـن الجمعيـات".
أضحى المجتمع المدني يحتل مكانة مهمة، وذلك بصفته شريكا أساسيا وحقيقيا في التنمية، إذ نص دستور المملكة سنة 2011 في فصله الأول على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس الديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. وبالتالي فقد أعطى مكانة خاصة ومميزة للمجتمع المدني.
ومـن بيـن المسـتجدات الهامـة التـي جـاء بهـا دسـتور 2011 والكفيلـة بـأن تؤثـر بشـكل كبيـر علـى الحيـاة الجمعويـة، هـو التأكيـد علـى الديمقراطيـة التشـاركية.
ويقصد بالديموقراطية: حسب دائرة المعارف البريطانية: "شكل من أشكال الحكم يمارس فيه مجموع المواطنين مباشرة حق اتخاذ القرار السياسي تطبيقا لحكم الأغلبية."
وتنقسم إلى قسمين: تمثيلية وتشاركية.
تعني الديموقراطية التمثيلية: " ذلك النوع من الحكم الذي بواسطته يختار الشعب أشخاصا يمثلونه في الدولة ويسيرون دفة الحكم ويصوتون باسمه ولحسابه."
ويقصد بالديموقراطية التشاركية: "شكل من أشكال التدبير المشترك للشأن العام المحلي يتأسس على تقوية مشاركة السكان في اتخاذ القرار السياسي، وهي تشير إلى نموذج سياسي بديل يستهدف تقوية وزيادة انخراط المواطنين في النقاش العمومي، وفي اتخاذ القرار السياسي، أي عندما يتم استدعاء الأفراد للقيام باستشارات كبرى تهم مشاريع محلية أو قرارات عمومية تعنيهم بشكل مباشر وذلك لإشراكهم في اتخاذ القرارات مع التحمل الجماعي للمسؤوليات المترتبة على ذلك".
ومن تمظهراتها في دستور 2011 نجد ما يلي:
إذ ينص الفصل 13 على أن السلطات العمومية تعمل على إحداث هيئات للتشاور، قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين، في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها. ووسع الفصلين 14 و15 دائرة الفعل المدني لتشمل عموم المواطنات والمواطنين وتضمن لهم الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع وكذا الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية، ضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي.
فلم يغفل الدستور أهمية الفاعلين الجمعويين لما لهم من دور هام في تنشيط الحياة السياسية والتنموية لذلك أقر بموجب الفصل 13 هيئات للتشاور تهدف بالأساس إشراك الفاعلين الاجتماعيين بمختلف أصنافهم في بلورة السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها، ليكون المجتمع المدني فاعلا في التنمية الاجتماعية.
والنص الدستوري حدد أربعة مراحل لتدخل المجتمع المدني في الشأن العام وهي مرحلة الاعداد ويتم فيها تحديج المشكل أو لمطلب ومرحلة التفعيل وعندها تستجيب الدولة للمطلب الاجتماعي ومرحلة التنفيذ وفيها يتم تنزيل الحل ومرحلة التقييم وفيها يتم فيها تجميع المعطيات حول نجاعة تلك السياسة.
أما الفصل 14 و15 فقد أشركا المواطنات والمواطنين في عملية المشاركة في تدبير الشأن العام وذلك عبر إتاحة الفرصة لتقديم عرائض، وقد حدد القانون التنظيمي 44:14 شروط وكيفيات تقديم هذه العرائض.
فبالنسبة لشروط تقديمها لأصحابها:
- مواطنات ومواطنين مغاربة مقيمين بالمغرب أو خارجه اتخذوا المبادرة لإعداد العريضة ووقعوا عليها.
-متمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية ومقيدين باللوائح الانتخابية.
وفي لائحة العريضة طبقا للمادة 3:
- يكون الهدف منها واضحا
- تكون المطالب أو المقترحات أو التوصيات التي تتضمنها مشروعة
- تحرر بكيفية واضحة
- تكون مرفقة بمذكرة مفصلة تبين الأسباب الداعية الى تقديمها والاهداف المتوخاة منها
- تكون مشفوعة بلائحة دعم العريضة طبقا لمقتضى المادة 6 في توقيعها من قبل 5000 من مدعي لعريضة وأن تكون مرفقة بنسخ من بطاقتهم الوطنية.
وبخصوص السلطة العمومية التي تتلقى العرائض فقد حددت طبقا للمادة الثانية في رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين.
ونص الفصل 27 من الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية على حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. ونص الفصل 33 على أن السلطات العمومية تتخذ التدابير الملائمة لتحقيق توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد؛ ومساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، …ويُحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي، من أجل تحقيق هذه الأهداف.
وفـي 30يونيـو 2016، صـادق مجلـس الحكومـة علـى مشـروع القانـون رقـم 15-89، الـذي يحـدد كيفيـات تأليف وصلاحيات وتسـيير المجلـس الاستشـاري للشـباب والعمـل الجمعـوي، لكنه لم يستشر الجمعيـات. ولم يعط هـذا القانـون للجمعيـات سـوى صلاحيـات محـدودة.
ضمن فصول الباب التاسع من الدستور المتعلق بالجهات والجماعات الترابية الأخرى نص الفصل 139 على أن مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى تضع آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها. وهو مبتغى يجعل من الحكامة التشاركية في التدبير التنموي للجماعات الترابية أحد ركائز التأهيل المؤسساتي للشأن الجهوي والترابي بالمغرب، والعمل على الارتقاء بالمواطن من مصاف المواطن الملاحظ أو أحيانا غير المبالي أو في أحسن الحالات المواطن الناخب فقط، إلى المواطن كشريك في عملية التدبير التنموي.
وأكد نفس الفصل على أنه يُمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله.
من خلال هذا النص يتضح تساوي المواطن مع الجمعيات في عدم إمكانية تقديم عرائض تخص الشأن الوطني، وإمكانية ذلك فيما يخص الشأن الجهوي
وقد تطرق الفصل 170 من الباب الثاني عشر من الدستور المتعلق بالحكامة الجيدة وفي إطار التعريف بهيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية لتحديد صلاحيات المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، المحدث بموجب الفصل 33، إذ نص الفصل 170 أن المجلس المذكور يعتبر هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية. وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي، يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية، بروح المواطنة المسئولة.
وبتاريـخ 30يونيـو 2016 صـادق مجلـس الحكومـة علـى مشـروع القانـون رقم 15-89 المتعلق بالمجلس الاستشـاري للشـباب والعمـل الجمعـوي، والـذي يحـدد صلاحياتـه وكيفيـات تأليفه وتنظيمه وسـيْر عمله.
يتألـف المجلـس مـن هيئتيـن موضوعاتيتيْـن (الهيئـة المكلفـة لقضايـا الشـباب والهيئـة المكلفـة بالعمـل الجمعـوي) ومـن لجنتيـن دائمتيـن. وتتجلّى صلاحيات الهيئة المكلفة بالعمل الجمعوي أساسا فيما يلي:
- وضع منظومة مرجعية للعمل الجمعوي؛
- التحسين النوعي لأداء العمل الجمعوي وتعزيز قدرات العاملين به؛
- إعداد ميثاق لأخلاقيات العمل الجمعوي يتعلق، على وجه الخصوص، بالحكامة الجيدة وشفافية التمويل.
عــلاوة علــى رئيســه، ســيتكون المجلــس مــن أربعــة وعشــرين 24 عضــوا يتوزعــون بالتســاوي علــى الهيئتيــن المذكورتيـن: ثمانيـة 8 أعضـاء يعينهـم الملـك، وثمانيـة 8 أعضـاء يعينـون مـن طـرف رئيـس الحكومـة وأربعـة مـن طـرف رئيـس مجلـس النـواب، وأربعـة 4 مـن طـرف رئيـس مجلـس المستشـارين. ويُعيـن أعضـاء المجلـس لمــدة أربــع ســنوات قابلــة للتجديــد مــرة واحــدة، كمــا تتنافــى العضويــة بالمجلــس مــع العضويــة فــي الهيئــات والمؤسسـات الدسـتورية التـي ينـص عليهـا الدسـتور. وأخيـرا، فـإن رئيـس المجلـس يعيـن بظهيـر شـريف.
أبانت الحكومة المنبثقة عن انتخابات 25 نونبر 2011 حرصها على تعزيز المكانة الدستورية للمجتمع المدني من خلال إحداث قطاع وزاري جديد ضمن الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني.
انعقد الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، نظمت اللجنة الوطنية المشرفة على إدارة الحوار، خلال الفترة الممتدة بين 13 مارس 2013 و21 مارس 2014، سلسلة من اللقاءات التشاورية والندوات العلمية، بمشاركة ما يناهز 10.000 جمعية ومختلف الهيآت العمومية الوطنية والمنظمات الدولية المهتمة بتوسيع مجالات المشاركة المدنية وتنظيمها وتأهيلها. وقد خصصت هذه اللقاءات للإنصات وتبادل الأفكار والتجارب بشأن تفعيل محتويات هذه المشاركة في الحياة العامة عبر أرضيات قانونية كفيلة بتفعيل ما نصت عليه الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011.
وقد عملت اللجنة الوطنية التي تتشكل من ممثلين عن القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والدستورية بغرفتيه وفعاليات مدنية وأكاديمية، على تنظيم المقترحات المنبثقة على هذا المسلسل التشاوري، في إطار ثلاث مخرجات أساسية:
- الأرضيات القانونية الخاصة بالملتمسات والعرائض والتشاور العمومي.
- الأرضية القانونية للحياة الجمعوية.
- الميثاق الوطني للديمقراطية التشاركية.
- التقرير التركيبي لنتائج الحوار وأطروحاته.
وقد أثمرت نتائج هذا الحوار اصدار نحو 140 توصية تهم الإشكالات التي تم طرحها لمراحل الحوار، ومن بين خلاصاته:
- إرادة جمعيات المجتمع المدني في تحقيق ذاتها في استقلالية تامة عن الفاعلين الآخرين، من دولة وأحزاب ونقابات.
- تفعيل المشاركة المدنية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية عبر أرضيات قانونية عملية للمخرجات الخاصة بالملتمسات والعرائض والتشاور العمومي.
- اقتراح ميثاق وطني للديمقراطية التشاركية مزاوج بين الالتزام الأخلاقي والسياسي بمنظور دستوري وبإقرار بما هو دولي متعارف عليه.
وبالمثــل، فــإن «ديناميــة إعــلان الربــاط» تــرى أن النصــوص القانونيــة والتنظيميــة المتعلقــة بالجمعيــات، ومنْهــا علـى وجـه الخصـوص ظهيـر ،1958هـي نصـوص َ «متجـاوزة» وأنـه مـن الضروري إعـادة النظـر فيهـا ومراجعتهـا فـي ضـوء الأطـر المرجعية الدوليـة المعمـول بهـا وفـي ضـوء أحـكام الدسـتور.
وبالتالـي، فـإن القانـون الجديـد المتعلـق بالجمعيـات ينبغـي أن يسـتند بالخصـوص إلـى المبـادئ التاليـة:
- لا يمكن إخضاع الجمعيات إلا لمراقبة وزارة العدل؛
- إلغاء نظام الترخيصين؛
- تبرير وتقنين حالات الرفض من خلال ضمان حق اللجوء إلى مسطرة الطعن للجمعيات المعنية؛
- ضمان حقها في الترافع أمام المحاكم؛
- ضمان حق أعضاء الجمعيات في الترافع عن الآخرين وتنصيب أنفسهم كطرف مدني؛
- ضمان حق الجمعيات في المساهمة في الحياة العامة وإعداد السياسات العمومية وتتبعها وتقييمها؛
- التأكيد على حق الجمعيات في الولوج إلى المعلومة؛
- إلغاء العقوبات الجنائية والغرامات الباهظة؛
- تعزيز التمثيلية المتساوية بين الرجال والنساء في الهياكل الجمعوية
ينظــم ِ الجمعيــات الظهيــر الشــريف رقــم 1.58.376بتاريــخ 15نونبــر 1958المراجــع ســنة 1973والمعــدل ســنة 2002 بموجب القانون رقم 75:00.
وعليه سوف نعالج من خلال هذا المطلب شروط تأسيس الجمعيات ومراحلها في (الفقرة الأولى) وكذا حقوقها وواجباتها في (الفقرة الثانية).
ينص الفصل الأول من قانون ظهير 1958 على أن الجمعية: " هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح بينهم"
وانطلاقا من مضمون هذا الفصل يتبين أن المشرع المغربي حدد عدة شروط لكي يكون الاتفاق على تأسيس الجمعية صحيحا من الناحية القانونية والتي يمكن اجمالها فيما يلي:
1- الاتفاق: يعني الرغبة المشتركة لدى شخصين أو أكثر واتفاقهما على أراء وأفكار وأهداف لتأسيس جمعية.
وحتى يكون هذا الاتفاق صحيحا يجب أن يتم بين شخصين أو أكثر، وما يمكن ملاحظته هنا أن المشرع المغربي لم يبين أهلية هؤلاء الأشخاص؟ أو بمعنى أخر يتوجب أن يتوفر فيهم سن الرشد؟ وبالتالي يمكن القول إنه من حيث الممارسة العملية لا يمكن لمن لم يبلغ سن الرشد القانوني أن يكون من المسيرين وبالتالي من المؤسسين، لكن يمكنه بطبيعة الحل أن يكون من المنخرطين.
وعموما فالدفع الى تبني هذه الفكرة هو تلك الإحالة على قانون الالتزامات والعقود المغربي، حيث أن تطبيق قواعد القانون المدني تحيل الى أنه يشترط لصحة الاتفاق على تأسيس الجمعية توفر شروط الصحة في العقود والالتزامات والمتجلية في الاهلية والرضى والمحل والسبب.
2- الغاية: ان الهدف من تأسيس الجمعية هو تحقيق التعاون بين أعضائها بشكل مستمر من أجل استخدام معلوماتهم أو بالأحرى تبادلها وافادة باقي المنخرطين بها، ومن أجل استخدام نشاطهم الذهني وحتى العضلي أحيانا.
3- الاستمرارية: وهذا ما يميز الجمعية عن الاجتماع العمومي الذي يشترط فيه أن يكون مؤقت. لكن عنصر الاستمرارية الذي نص عليه الفصل الأول عند تعريفه للجمعية ليس مطلق، فالجمعية يمكن أن تؤسس لغرض محدد أو لفترة محددة ويمكن التنصيص على ذلك في القانون الأساسي كما يمكن لكل عضو في جمعية لم تؤسس لمدة معينة أن ينسحب منها في كل وقت.
إن تأسيس الجمعيات يخضع لشروط خاصة، نص عليها الفصل الخامس من ظهير15 نونبر1958 والمعدل بموجب القانون رقم00-75 ل23 يوليوز2002، حيث تؤكد الفقرة الأولى من هذا الفصل على ما يلي: "يجب أن تقدم كل جمعية تصريحا الى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال، وتوجه السلطة المحلية المذكورة الى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية نسخة من التصريح المذكور ونسخا من الوثائق المرفقة به المشار اليها في الفقرة الثالثة بعده، وذلك قصد تمكينها من ابداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء" وتضيف الفقرة الثانية من الفصل 5 على أنه: "عند استيفاء التصريح للآجال المنصوص عليها في الفقرة اللاحقة يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل هذا الاجل، أجاز المشرع للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها."
على ضوء كل ذلك يتضح أن قانون تأسيس الجمعيات في شكله الحالي قد قام بالتقعيد لنظام تصريحي للجمعيات والتي عليها لتصبح شرعية، أن تعمل على التصريح للسلطات بإنشائها فقط دون الحصول على اذن أو ترخيص مسبق، مما يجعل هذا التصريح وبهذه الصفات ليس ضروريا لممارسة حرية تأسيس الجمعيات وذلك عكس التقهقر الانعكاسي المرصود إبان تعديل 10 أبريل1973، الذي جعل من هذا التصريح شرطا لا محيد عنه لإضفاء الشرعية على ممارسة هذه الحرية عبر نصه في فصله الخامس:" يجب أن تقدم كل جمعية سابق تصريح الى مقر السلطة الإدارية المحلية(القائد أو الباشا) والى وكيل جلالة الملك لدى المحكمة بالدائرة القضائية…." ليؤكد أن هناك ملاءمة بين نظامين من أنظمة ممارسة الحريات العامة.
وبناء عليه ما هو مضمون التصريح؟ وكيف يمكن ايداعه؟
يتكون ملف التصريح من الوثائق التالية:
1- تصريح بالتأسيس موجه للسلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية يمضيه الشخص المؤهل لتمثيل الجمعية، هذا التصريح يتضمن:
- اسم الجمعية وأهدافها.
- لائحة بالأسماء الشخصية والعائلية وجنسية وسن وتاريخ ومكان الازدياد ومهنة ومحل سكنى أعضاء المكتب المسير.
- الصفة التي يمثلون بها الجمعية تحت أي اسم كان.
2- صورا من بطائقهم الوطنية أو بطائق الإقامة بالنسبة للأجانب.
3- مقر الجمعية.
4- عدد ومقار ما حدثته الجمعية من فروع ومؤسسات تابعة لها أو منفصلة عنها تعمل تحت ادارتها أو ترابطها بها علائق مستمرة وترمي الى القيام بعمل مشترك
يمكن للسلطات العمومية التي تتلقى التصريح بتأسيس الجمعيات اجراء الأبحاث والحصول على البطاقة رقم2 من السجل العدلي للمعنيين بالأمر.
وتضيف الى التصريح المشار اليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل القوانين الأساسية وتقدم ثلاثة نظائر عن هذه الوثائق الى مقر السلطة الإدارية المحلية التي توجه واحدة منها الأمانة العامة للحكومة.
ويمضي صاحب الطلب تصريحه وكذا الوثائق المضاف اليه ويشهد بصحتها وتفرض على كل من القوانين الأساسية لائحة الأعضاء المكلفين بإدارة الجمعية أو تسييرها حقوق التنبر المؤداة بالنسبة للحجم، باستثناء نظيرين.
وكل تغيير يطرأ على التسيير أو الإدارة وكل تعديل يدخل على القوانين الأساسية وكذا احداث مؤسسات فرعية أو تابعة أو منفصلة، يجب أن يصرح به من خلال الشهر الموالي وضمن نفس الشروط، ولا يمكن أن يحتج على الغير بهذه التغيرات والتعديلات الا ابتداء من اليوم الذي يقع فيه التصريح بها.
وفي حالة إذا لم يطرأ تغيير في أعضاء الإدارة يجب على المعنيين بالأمر أن يصرحوا بعدم وقوع التغيير المذكور وذلك في التاريخ المقرر له بموجب القوانين الأساسية.
ويسلم وصل مختوم ومؤرخ في الحال عن كل تصريح بالتغيير أو بعدمه.
يمكن أن يودع ملف التصريح اما مباشرة بمكتب ضبط السلطات الإدارية، أو بواسطة مفوض قضائي، والذي يتوجه بملف التصريح لمقر السلطة الإدارية التي يمكن أن تتسلمه كما يمكن أن ترفضه، وفي كلتا الحالتين يحرر المفوض القضائي محضرا يبين فيه وقوع التسليم ويجوز الوصل المؤقت، وفي حالة الرفض ينص في المحضر عما قام به أو عاينه أو تلقاه خلال قيامه بالمهمة التي طلبت منه.
وينبغي الإشارة الى أن المفوض القضائي يقوم بمهمة تبليغ التصريح والوثائق المرفقة به اما بناء على طلب مباشر من ممثل الجمعية أو بأمر مبني على طلب مباشر من ممثل الجمعية أو بأمر مبني على طلب يصدره رئيس المحكمة يأذن بالتبليغ بواسطة مفوض قضائي.
في هذه المرحلة يتم تشكيل لجنة تحضيرية تتولى الاعداد المادي والأدبي للجمع العام للتأسيس عبر اتفاق شخصين أو أكثر على فكرة تأسيس الجمعية، حيث يقومون بإعداد الوثائق التأسيسية، كمشروع القانون الأساسي واختيار اليوم والمكان الذي سينعقد فيه اللقاء التأسيسي (الجمع العام التأسيسي) وهذه المسألة تطرح بعض الإشكالات بالنسبة للجنة التحضيرية لأننا في مرحلة سابقة على تأسيس الجمعية.
وبالتالي فيمكن أن ينطبق عليها ما ينطبق على الاجتماعات العمومية التي ينص عليها القانون التجمعات العمومية.
في هذا الصدد ذهبت محكمة الاستئناف بمراكش في قرارها بتاريخ08/07/2004 القاضي بكون تبليغ وثائق التأسيس للجمعية الى السلطات يتحمله الفصل5 من ظهير15/11/1958 مباشرة أو بواسطة عون قضائي.
وبناء عليه تقوم اللجنة التحضيرية بإشعار السلطة المحلية التابع لها المكان الذي سينعقد فيه الجمع العام التأسيسي وذلك بتصريح يبين فيه اليوم والساعة والمكان الذي سينعقد فيه الاجتماع ويوضح في التصريح موضوع الاجتماع ويوقع عليه ثلاثة أشخاص يقطنون في العمالة أو الإقليم الذي ينعقد فيه، ويتضمن أسماء الموقعين وصفاتهم وعناوينهم ونسخة مصادق عليها لكل بطاقة من بطائق تعريفهم الوطنية.
ويجب على السلطات المحلية أن تسلم ما يفيد توصلها بالإشعار في الحال وفي حالة رفض تسلم الاشعار يرسل عن طريق البريد المضمون أو عن طريق المفوضين القضائيين.
لا ينعقد الجمع العام التأسيسي الا بعد مرور أجل لا يقل عن أربع وعشرين ساعة من تاريخ تسلم الوصل أو بعد 48 ساعة من تاريخ توجيه الاشعار بالبريد المضمون.
وخلال الجمع العام تقدم اللجنة التحضيرية ورقة حول دواعي تأسيس الجمعية، كما تعرض مشروع القانون الأساسي لمناقشته والمصادقة عليه، بعد ذلك تكون اللجنة التحضيرية قد أنهت مهمتها وبذلك تقدم استقالتها، ويتم اختيار مشرفين من داخل الجمع العام للإشراف على انتخاب أجهزة الجمعية وانتخاب المكتب وتوزيع المهام بين أعضائه حسب القانون الأساسي.
جدير بالإشارة هنا أنه يمكن أن تحدث نزاعات متعلقة بانتخاب مكاتب الجمعيات، ويثور الخلاف حول اختصاص المحاكم الإدارية في المادة الانتخابية على سبيل الحصر:" حيث ان الفصل الثامن من قانون90-41 المنشئ للمحاكم الإدارية الذي نص على النزاعات التي تختص بالبث فيها على سبيل الحصر، وان كان جعل من بين هذه الاختصاصات البث في النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات فان الباب الرابع من القانون المذكور قد حدد في الفصل 26 طبيعة هذه النزاعات الانتخابية التي تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية."
وهو نفس التوجه الذي ذهبت اليه المحاكم الإدارية بالرباط، وحيث انه بعد دراسة المحكمة للقضية بكافة معطياتها واطلاعها على الوثائق المدرجة بالملف ولاسيما القانون الداخلي للجمعية، تبين لها بأن هذه الأخيرة هي عبارة عن حركة تربوية تطوعية غير سياسية موجهة للفتية والشباب ومفتوحة للجميع دون تمييز في الأصل أو الجنس أو العقيدة، الشيء الذي يدل على أنها تعتبر شخصا من أشخاص القانون الخاص من جهة.
وحيث أنه بعد تفحص المحكمة من جهة ثانية للمادة 26 من القانون رقم90/41 تبين لها بأنها لا تتضمن ضمن مقتضياتها الطعون الانتخابية المتعلقة بالجمعيات، الشيء الذي يتعين معه في هذه الحالة التصريح بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبث في الطلب.
وبعد انعقاد الجمع العام التأسيسي وانتخاب المكتب، هل يمكن اعتبار أن الجمعية قد تكونت فعلا؟
بالنسبة للجمعية هناك نوعين من التواجد: فعلي وقانوني.
- التواجد الفعلي: تعتبر الجمعية متواجدة فعلا ابتداء من انعقاد الجمع التأسيسي وبقيامها بأنشطة داخل إطار التدخل الذي حددته لنفسها.
- التواجد القانوني: يتم عادة بعد وضع الملف القانوني لدى السلطات المحلية وبمجرد حصولها على وصل الإيداع المؤقت تصبح الجمعية موجودة قانونيا
في هذه المرحلة يتعين على المكتب المسير للجمعية أن يقدم اما مباشرة أو عن المفوض القضائي داخل أجل شهر من تاريخ الجمع العام التأسيسي تصريحا مرفقا بالوثائق الأساسية الى مقر السلطة الإدارية المحلية اما للقائد أو الباشا أو العامل أو الولي حسب مكان وجود المقر الاجتماعي للجمعية التابع له.
إن الرؤية المجتمعية العميقة تتوقف على الحفاظ على الحرية الفردية التي تشكل ممرا أساسيا لصيانة مؤسسات المجتمع المدني، وحيث نكسب إحساسا قويا بمسؤولياتنا مع تقدير لحقوقنا وحقوق الآخرين.
والمجتمعات الحديثة الناجحة مبنية على أسس واضحة لكل فرد فيها مسؤوليات وحقوق ,وبدون التعاون والتكامل فلن تلبى المطالب والحاجات, وسيدور المجتمع في حلقة مفرغة تؤدي أحيانا إلى نتائج سلبية.
فالجمعيات تتمتع بمجموعة من الحقوق معترف بها في قانون الجمعيات، كما أن مبدأ حرية عملها في نطاق القانون يخولها إمكانية متابعة أهدافها بكل السبل المشروعة ومن بين هذه الحقوق التي تكتسبها الجمعيات إما تلقائيا أو تلك التي يرتبط اكتسابها بضرورة موافقة الإدارة:
تنص الفقرة الأولى من الفصل 6 من قانون تأسيس الجمعيات على أن "كل جمعية صرح بتأسيسها بصفة قانونية يحق لها أن تترافع أمام المحاكم "
تهدف الجمعيات من خلال هذا الحق إلى تحقيق لإصلاح الاجتماعي والديني والسياسي والقانوني والثقافي، أو الاقتصادي أو البيئي. فالجمعيات في مجال الترافع تلعب دورا هاما من أجل التغيير الديمقراطي وحقوق الإنسان والحريات الفردية والعامة.
يحق لكل جمعية مصرح بتأسيسها بصفة قانونية أن تتمتع بذمة مالية مستقلة وذلك طبقا للمادة السادسة من قانون تأسيس الجمعيات، وهذا ما يسمح لها أن تمتلك وتتصرف وتقتني بعوض، كما يحق لها أن تبرم عقود شراء المنقولات والعقارات والخدمات، ويوقع نيابة عنها ممثلها القانوني المؤهل لذلك بمقتضى قانونها الأساسي.
وقد حدد المشرع الإمكانيات التي يمكن للجمعية التملك والتصرف فيها طبق للمادة السادسة وتتجلى فيما يلي:
هذه الإعانات تقدمها مؤسسات الدولة وخاصة الجمعيات المحلية، وقد تسلم هذه الإعانات إما عينا أو نقدا، بناء على طلب الجمعية مع تقديم مبررات الطلب ومخصصات الإعانة.
وتتجلى في المبالغ التي يؤديها المنخرط في الجمعية لأول مرة، والتي تكون غالبا في قوانين وأنظمة الجمعية.
وهي تلك المبالغ التي يؤديها الأعضاء المنخرطون سنويا، والتي بدورها تكون محددة في قوانين وأنظمة الجمعية.
هذه الإعانات تقدمها في الغالب الشركات والمؤسسات الخاصة والأفراد في شكل تبرعات، وذلك لمساعدة الجمعية على القيام بأعبائها.
إذ يحق للجمعيات أن تتلقى مساعدات من جهات أجنبية شريطة أن تصرح بذلك لدى الأمانة العامة للحكومة مع تحديد المبالغ المحصل عليها ومصدرها والأغراض المخصصة لها داخل أجل 30 يوما كاملة من تاريخ التوصل بالمساعدة.
كما يحق للجمعيات الاستفادة من القاعات والمقررات والأدوات الإدارية المخصصة لتسييرها وعقد اجتماعاتها العمومية والخاصة، للتداول في الأمور والقضايا التي تدافع عنها.
يحق كذلك لأية جمعية أن تتقدم بطلب من أجل الاعتراف لها بصفة المنفعة العامة، وهذا الاعتراف تمنحه الحكومة للجمعيات التي تسعى إلى تحقيق حاجة تكتسي صبغة المصلحة العامة بصفة مؤكدة سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد المحلي، وذلك راجع لكون الاعتراف بصفة المنفعة العامة يعتبر تزكية من قبل الدولة لهذه الجمعيات إزاء الجهات الداعمة لها.
والاعتراف بصفة المنفعة العامة منظم بظهير، 1958 الذي يحدد شروط ومسطرة الاعتراف بهذه الصفة، كما أدخل عليه المرسوم رقم 2-4-965 الصادر في 10 يناير 2005، تعديلات هامة على شروط منح هذا الاعتراف.
وتمنح هذه الصفة بواسطة مرسوم لفائدة الجمعيات التي طلبتها مما يخول لها عدد من الامتيازات وحقوق زيادة عما تتمتع به باقي الجمعيات، حيث يمكن للجمعية المعترف لها بصفة المنفعة العامة أن تقوم مرة كل سنة بالتماس الإحسان العمومي دون إذن مسبق، شريطة تقديم تصريح إلى الأمانة العامة للحكومة خمسة عشر يوما على الأقل قبل تاريخ الظاهرة المزمع القيام بها، كما يجوز لها أن تمتلك ضمن الحدود المبين لها في مرسوم الاعتراف بصفة المنفعة العامة الأموال والمنقولات اللازمة لهدفها أو لإقامة المشروع الذي ترمي إلى إنجازه.
بالإضافة إلى الحقوق السابقة، يحق للجمعيات أن تتقدم بطلب التماس الإحسان العمومي، ويراد به كل طلب يوجه للعموم قصد الحصول بوسيلة ما على أموال أو أشياء أو منتوجات، ولاسيما عن طريق الالتماس وجمع الأموال والاكتتابات وبيع الشارات وتنظيم الحفلات والسهرات الراقصة والتظاهرات الخيرية والفرجات والحفلات الموسيقية.
ولا يجوز تنظيم أو انجاز أو الإعلان عن التماس الإحسان العمومي في الطريق العام أو الأماكن العمومية أو بمنازل الأفراد بواسطة أي شخص وبأي وجه من الأوجه إلا بترخيص من الأمانة العامة للحكومة.
وطلب التماس الإحسان العمومي منظم بمقتضى قانون رقم 004.71 الصادر بتاريخ 12 أكتوبر 1971 والذي يحدد شروط ومسطرة البث في هذا الطلب.
ويهدف هذا القانون إلى تيسير حصول الجمعيات على الأموال والممتلكات بوسائل مختلفة وخلال حملات تستهدف العموم وفق ضوابط وشروط تتعلق أساسا بمسطرة تقديم الطلب وطبيعة التظاهرات المزمع تنظيمها لأجل التماس الإحسان العمومي.
بالإضافة إلى هذه الحقوق القانونية المخولة للجمعيات فقد منحت مسودة مشروع قانون الجمعيات حقوقا إضافية وعيا من اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة ودورها الفعال في إدارة الشأن العام والمحلي، في المادة 17 من الجزء الثالث المتعلق بحقوق الجمعيات وهي:
-حق التقاضي والاكتساب والملكية والتصرف في مواردها وممتلكاتها وفتح الحسابات البنكية وغير ذلك مما يعد ضروريا لممارسة أنشطتها
-حق الاستفادة من الدعم العمومي لتقوية قدراتها المؤسساتية ومواردها البشرية والإدارية وفق الشروط والمعايير التي يحددها القانون
-حق الاستفادة من الإعلام العمومي وفقا للقوانين الجاري بها العمل
-حق التوفر على إعلامها الخاص وفقا للقوانين الجاري بها العمل
-حق المساهمة الفاعلة في الدبلوماسية المدنية للدفاع عن القضايا العادلة للوطن وعن مصالحة الحيوية
-حق الولوج الى المعلومات والمعطيات طبقا للفصل 27 من الدستور
-المشاركة الفعالة في النهوض بالأوضاع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمواطنين
-حرية الرأي التعبير والتظاهر السلمي.
-حق استعمال واستثمار المرافق والقاعات والمراكز والتجهيزات العمومية المخصصة للأنشطة الاجتماعية والتربوية والثقافية والفنية والرياضية.
-حق تقديم العرائض لمجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى طبقا للفصل 139 من الدستور
-حق التشاور والمشاركة وطنيا وجهويا ومحليا في إعداد قرارات ومشاريع وبرامج تهم الشأن العام لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية في تنفيذها وفي تقييمها.
باستقرائنا لمقتضيات الفصل الثالث من قانون تأسيس الجمعيات يتوجب على هذه الأخيرة ألا تؤسس لغاية أو لهدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو قد يهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي أو تدعو إلى كافة أشكال التمييز تكون باطلة، وبناء عليه يمكن القول أن الجمعيات يجب أن تقوم وتعمل على ضرورتين أساسيتين هما احترام النظام العام والمقدسات التي لا يمكن مسها أو التطاول عليها.
وقد نصت مسودة مشرع قانون الجمعيات في الجزء الرابع المتعلق بالتزامات الجمعيات على أنه يقع على عاتق الجمعيات المؤسسة طبقا للقانون الالتزام بما يلي:
-أن تعتمد الجمعيات عند تأسيسها قانونا أساسيا يتضمن وجوبا اسمها وعنوانها الرسميين وأهدافها وحقوق وواجبات أعضائها وأجهزتها.
-أن تحترم الجمعيات في كل الظروف في تنظيمها وتدبيرها وكل أنشطتها ما يلي:
1- القيم الحضارية المشتركة للشعب المغربي كما هي منصوص عليها في الدستور، ومنها بالخصوص تلك المتعلقة بالدين الإسلامي السمح، وبالوحدة الوطنية متعددة الروافد، وبالمملكة الدستورية الديمقراطية البرلمانية والاجتماعية، وبالاختيار الديمقراطي
2- مبادئ الديمقراطية والتعددية والمساواة وحقوق الإنسان كما هي مضمة بالدستور والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب
3- مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة والديمقراطية الداخلية في التسيير والتدبير
-حضر مجموعة من الأعمال التي من شأنها الإخلال بالالتزامات الملقاة على عاتق الجمعيات كأن تعتمد في نظامها الأساسي أو في بياناتها أو في برامجها أو في نشاطها أي شكل من أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أي وضع شخصي مهما كان
طبقا لأحكام الفصل 32 من قانون تأسيس الجمعيات فإن كل جمعية تتلقى إعانات ومساعدات من مؤسسات الدولة، يجب أن تقدم حساباتها وميزانيتها للوزارات التي تمنحها تلك المساعدات، وتخضع هذه الجمعيات بكيفية تلقائية لمراقبة المفتشية العامة للمالية، كما تخضع إلى مراقبة المجلس الأعلى للحسابات بموجب المادة 73 من قانون 12.79، ويمكن أن يقوم بذلك بطلب من بعض المؤسسات المالية.
كما أوجب المشرع تضمين الحسابات في دفاتر الحسابات التي يجب أن تمسكها الجمعيات لكن ذلك مشروط بأن تكون الإعانات دورية، أما إذا كانت مناسباتية أو متقطعة فإن الجمعيات لا تقع تحت طائلة هذه الإجراءات، وقد نص المشرع في نفس الإطار على معاقبة كل وكيل مسؤول عن مخالفات هذه الإجراءات بغرامة يتراوح قدرها ما بين 120 و1000 درهم، وتكون الجمعية مسؤولة مدنيا في هذه الحالة، كما نص على المعاقبة على استخدام الإعانات في غير الأغراض المخصصة لها على أنها اختلاس للمال العام بما يقتضيه القانون الجنائي.
ويتوجب على الجمعيات أن تصرح للأمانة العامة للحكومة بالإعانات التي تتلقاها من جهات أجنبية حسب الفصل 32 مكرر مع تحديد المبالغ المحصل عليها داخل أجل 30 يوما من تاريخ توصلها بالمساعدات وذلك تحت طائلة الحل.
موقع طالب القانون
https://www.talibdroit.com/
ليست هناك تعليقات:
اكتب comments